أحمد الجعدي يكتب:

سبتمبر.. الفرصة الضائعة

ثورة سبتمبر حلم يمني كأحلام كل العرب في ستينيات القرن الماضي، حلم الحرية، الدولة، الحياة الكريمة والعدالة الاجتماعية.. لكن يمكننا اليوم ونحن نعيش واقعا يشبه واقع ما قبل قيام الثورة أن نعتبرها فرصة من فرص ستينيات القرن الماضي التي لم تستغل كما يجب.
تحررت البلدان في شتى بقاع العالم من الاحتلال ومن الأنظمة المستبدّة، بُنيت كيانات من العدم، بُعث شعوبٌ من جديد، كان العالم يتنفس فجراً، كان زمن حريّة أمريكا اللاتينية، زمن الشرق الآسيوي، زمن ولادة سنغافورا، فيتنام، تايوان وحتى الزمن الذي استطاعات كوبا الجزيرة الصغيرة مقارعة أمريكا المستبدة، كان توازن العالم يضمن للجميع التحرك والتنفّس إلا أن الداخل اليمني هو الذي لم يكن متّزنا بما يكفي، بل كان مضطرباً ويزداد اضطراباً إذا ما تحركت الجمهورية بما يعكر مزاج القبيلة، وهكذا ظلت الجمهورية تعمل لصالح القبيلة في محاولة لخلق توازن داخلي، ظل العمل لعقود كان الزمن كافيا لظهور جيل الأبناء وكل واحد يحمل طموح والده، بالمقابل لم يعد العالم مثلما كان، فقد أصبح التدخل بشؤون الدول سهلاً، تعقدت الأوضاع السياسية، بدأ التجاذب على السلطة، فشلت القوى السياسية والعسكرية في احتواء الموقف، سقط التوازن الهش بين القبيلة والجمهورية، أصبح الحديث عن الجمهورية بمعناه الحقيقي غير موجود والتفكير بالاستقرار السياسي والانتعاش الاقتصادي ضرباً من الخيال ونوعاً من الفنتازيا.
ها نحن اليوم وبعد ما يقارب ستة عقود من قيام الثورة نسب الإمام ونلعن أصله وفصله وأفكاره التي يحكم بها الشعب، أنا لا أقصد الإمام أحمد أو يحيى، أنا أقصد الحفيد عبدالملك، نعم.. بعد ستين عاماً من قيام الثورة لا يزال الحديث مستمراً عن الجمهورية والإمامة وتحرير صنعاء منها.