خالد سلمان يكتب:
قراءة في مسار الصراع باليمن
تعتزم الولايات المتحدة إعادة فتح سفارتها في صنعاء، في رسالة بالغة الدلالة ،ان صفحة جديدة في مسار الصراع في اليمن على وشك ان تُفتح، وان عملية إعادة صياغة المقاربات ،تمضي إلى غير صالح الشرعية اليمنية، حيث تدير واشنطن والسعودية على حد سواء ،نشاطاً دبلوماسياً اكثر إنفتاحاً تجاه الحوثي، وعزلاً لسلطة الرئيس اليمني ، بما تمثله هذه السلطة من حمولة مكلفة في الحرب والسياسة.
واشنطن دولة لا تتخذ قراراتها من وحي اللحظة ، هي تمضي بنقلات صغيرة مخططة ،وتعرف إلى اي مسار ستفضي.
هكذا بدأتها الولايات المتحدة بوقف بيع السلاح إلى السعودية، المستخدم في حرب اليمن ، ومن ثم وقف التعاون الإستخباري في ذات الشأن ، مروراً برفع الحوثي من قائمة الإرهاب ، والإعتراف به كقوة حقيقية على الأرض، وشريكاً اساس وحاسم في تعطيل او تمرير اي تسوية ، وأخيراً التهيئة لإعادة فتح سفارتها في صنعاء.
هذه الخطوة لا تعني سوى أن هناك قضبان بديلة قد تم تجهيزها لقطار التسوية، وان مساره لا يتقاطع او يلتقي في نقطة ما مع خط سير الشرعية ، وفِي احسن الأحوال ، ستكون الشرعية ملحقة في العربة الأخيرة، من قطار حل قادم، لا يصب بمجمل نتائجه لصالح شرعية ، تحرق حظوظها ولا تقدم نفسها كقوة وازنة في اي مشروع تسوية.
إذا مضت واشنطن بإعادة فتح السفارة في صنعاء ستلحقها اوروبا ، وهي خطوة ستضاعف الضغوط على السعودية، للخروج من حرب اليمن بمسودة حل ثنائي مع إيران والحوثي ، الحدود مقابل الإعتراف، وإعادة تركيب لوحة الحكم، بشراكة إسمية للشرعية ، لضمان حل مستدام ،قليل التفجرات محدود الفوضى.
وبشأن الجنوب الغموض يلف الموقف من القضية الجنوبية ، المؤشرات تمضي بإتجاه تكثيف المزيد من الضغط على الإنتقالي ، بمحاولة سحب ورقة احادية التمثيل ، وتشكيل كيانات موازية، وتعطيل الحوار الجنوبي الجنوبي ، وتحويل إتفاق الرياض من إطار حل ، إلى آداة إستنزاف سياسي ،وقيد يعطل القرار في البيت الإنتقالي ،بل ويثقله بالتزامات إضافية، يحد من إستقلالية مواقفه ،و يجعل الرياض مرجعية لأي خطوة ،بكل ماتعنيه من عدم حيادية ، وإنحيازها لمشروع حل تسعى لتمريره ، بما يخدم مصالحها هي ،وإن لم يكن على تماس ، مع حملة مشروع حل القضية الجنوبية.
ضغوط الخدمات ومضاعفة معاناة حواضن الإنتقالي ،هي مجرد حجر في معمار سد يحاصر حركتة ، وتبقى المخاوف الحقيقية لدى صناع قرار بيت الإنتقالي ، ان تعمل السعودية وواشنطن على عزل ابو ظبي ،عن ملف الجنوب ،وإعادتها إلى بيت الطاعة السعودية، التي نشك انها غادرته من الأساس ،وكل تمايز هامشي يأتي في سياق توزيع اوراق اللعب بمرجعية سعودية واحدة .
بالعودة إلى التلويح بإعادة فتح السفارة الإمريكية في صنعاء ، ان اجساماً سياسية سيتم الإطاحة بها بموافقة سعودية ، وان الإنتقالي يقاوم الحصار ، وان الشرعية تقترب اكثر نحو حافة السقوط والإستغناء ، وإن الحوثي دون سواه بات في نظرهم يمتلك مفاتيح الحل.