ماجدة طالب تكتب لـ(اليوم الثامن):

الوحش الاقتصادي المحايد وسط الازمة الأوكرانية الروسية

في خضم الأحداث المتسارعة للغزو الروسي دولة اوكرانيا، وتوجُسها الأمني الجغرافي الحساس على الحدود الروسية ، تعيش معظم الدول الاوربية وامريكا  في قلق عارم من التأثير السلبي على الاقتصاد العالمي  ، ومن المعروف أن  إقدام الرئيس بوتين لعملية عسكرية   لاتمثل  المرة الاولى بأن يكسر الحاجز في التحذيرات من قبل الدول المجاورة وأمريكا منذ تصدع الشرق الاوسط و دعمه لسوريا واقتحامه جزيرة القرم لم يعد يجدي نفعا للعقوبات السابقة التي اعتادت أن تتوائم معها يأتي ذلك بحسب تصريحاته  أن روسيا  اعتادت على العقوبات وأن لديها ما يكفي وان أوكرانيا بدأت باختراق معاهدة منيسك بدخولها الحلف الأطلسي  وهو ما يهدد أمنها .

 

وبحسب التمهيدات لهذه الغزو فإن روسيا كانت متوجسة ما اذا كانت الصين ستقف  بجانبها عسكريا، بيد ان القمة بينهما حلفاء استراتيجيين منذ زمن مايرقى  إلى مستوى الحلف الاستراتيجي الذي لم يصل إليه البلدان في عمق الحرب الباردة عندما كان حزبين شيوعيين يحكمان الاتحاد السوفياتي والصين الشعبية

 

واليوم اختلف الوضع الصيني لانها تستقل اقتصاديا، وتمر بفتح علاقات استراتيجية بين الدول تحت ظل "مشروع طريق الحرير الذي لايتوقف" واخر محطاته في جيبوتي وصولا الى جزيرة ميون اليمنية ، ومن المؤكد أن  العلاقة الروسية الصينية ليست بتحالف وإنما بتقارب  التاريخي بدأ من تبنى أحادي القطبية لصالح تعددية قطبية فيها توزيع القوة في النظام الدولي مع واشنطن وتم تكوين تكتلات بعد الحرب العالمية الثانية موازيا للنظام الليبرالي  و عززت من مكانة أمريكا و إنشاء منظمة شنغهاي عام 1996، والتي هدفت بالأساس إلى محاربة الإرهاب وتعزيز الأمن إلى جانب تفعيل العلاقات الاقتصادية في الإقليم  ورفعت شعار رفض الأحادية القطبية، والذي تبنته جميع الدول الأعضاء في المنظمة منها الصين، روسيا، دول آسيا الوسطى، إيران، وتركيا العضو الشريك بالحوار إلى رفض انضمام اليابان باعتبارها حليف واشنطن الرئيسي في آسيا وبعد سنوات قامت روسيا بالاستثمار في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية والذي نشأ عام 2013، منافسا وبديلا للبنك الدولي،سعى لمعاملات إقراضية نقيضة  لسياسات البنك الدولي فيما يتعلق بتغيير طبيعة الأنظمة السياسية والاقتصادية للدول المقترضة

 

ولا ننسى الخوف الروسي الأمني من زيادة الحكومة الصينية أعداد الصينيين على الحدود مع روسيا، والتي تعدّ من أطول الحدود البرية بين دولتين، حيث وصل عدد الصينيين 150 مليونا مقابل 15 مليون روسي ، اضافة الى الحذر الروسي في التعامل مع التكنولوجيا الصينية الأمنية والعسكرية،إلى ذلك أعلنت موسكو في عام 2019 عن طريق الحرير الروسي ميريديان والذي يمثل منافسا لطريق الحرير الصيني كون  روسيا استهدفت الأسواق الصينية ذاتها  وتستثمر في مشاريع البنية التحتية للدول المستهدفة وفي القطب الشمالي و انتقدت روسيا الإعلان الصيني عن مطالبها وحقوقها فيه.

على الرغم من موقف صارم اتخذته الحكومة الصينية في الأزمة بداية انه لا يمكن انحيازها إلى الجانب الروسي وموافقتها على احتلال أوكرانيا حيث وبعد اندلاع الحرب مازالت الصين تمثل بالمحايد الصامت والوحش الاقتصادي المرعب

وبعد انتقاد الغرب وامريكا ما إذا الصين ستقف بجانب روسيا  وستقدم بغزو تايوان  ، رد السياسيون الصينيون على إن واشنطن تدبّر فخا لها، فإذا تبنّت بكين ادعاءات واشنطن سيؤثر ذلك على العلاقات الصينية الروسية وأنها لا تفكر بعملية عسكرية تجاه تايوان ، وان الصين ليست طرف بالازمة ودورها الفعلي كما تراه هو الدعوة إلى إنهاء الصراع عبر الأمم المتحدة !! وبحسب ما نشره الصحفي  شونسان بعد ردود الشعب الصيني أن روسيا معتدية رد بالقول  "انه يدرك الدبلوماسيون الصينيون وجهة نظر الرأي العام الصيني ويركزون فقط على الصداقة الروسية وأن موقفها ليس عسكريا مطابقا لروسيا وعلى واشنطن أن تدرك ذلك.

موقف الصين الصامت والمحايد يعود الى الوصول إلى ميناء فلاديفوستوك الروسية المرور عبر الطرق البحرية المسيطر عليها من أميركا واليابان، وتهدف الوصول إلى الأسواق الأوروبية والأميركية، وترى أن السوق الروسية محدودة مقارنة بالغربية،  وان الاصطفاف بجانب روسيا سيؤدي الى إحداث توتر في العلاقات مع الشريك الصيني الأكبر في العالم "أميركا" ومع الشريك التجاري الثاني وهو الاتحاد الأوروبي  لذلك ترى الصين أن من أولوياتها  تأمين سيطرتها وصعودها في محيطها الإقليمي وهذا ماسيكون دورها لحرب مفتوحة قد ربما يطول أمده بين أوكرانيا وروسيا اذا لم تقدم روسيا بالاستيلاء على اوكرانيا وستكون الداعمة الاقتصادية لدى الدول الأكثر  تضررا وانسانيا