حركة مجاهدي خلق تكتب:
انتفاضة الشعب الإيراني.. ما مضى وما تبقى!
باستشهاد الفتاة الكردية مهسا أميني (جينا) البالغة من العمر 21 عاماً في طهران بتاريخ 16 سبتمبر 2023 على يد قواتٍ حكومية انطلقت مرحلة جديدة من نضال الشعب الإيراني ضد الدكتاتورية الدينية المتسلطة على إيران؛ انتفاضة بدأت لتستمر حتى سقوط الدكتاتورية.. والسؤال هنا: ماذا يتوجب عمله الآن؟!
استشهدت مهسا إثر ظلم عظيم، لهذا السبب تدفق الناس بضميره الحي إلى الشوارع مداعياً بدمها وانتفض العالم الحر لدعمها، وأصبح استشهاد مهسا تطوراً مهماً سرعان ما أصبح سياسياً وبداية مرحلة دامية من انتفاضة الشعب الإيراني الذي ضحى فيها بـ 750 شهيداً إيرانياً أعزل على الأقل بحياتهم لإسقاط الدكتاتورية الحاكمة!
وعليه، وبغض النظر عن أي حسابات فإن الدرس الأول من هذه الواقعة هو حقيقة أن مهسا أميني تعود إلى كل الشعب الإيراني وأيقونته وأن النظام الدكتاتوري الديني هو أيضا عدو الشعب الإيراني كله وأن الشعب الذي نهض ضد الدكتاتورية في جميع أرجاء إيران.. من كردستان إلى بلوشستان.. من خوزستان إلى خراسان، ومن عاصمة إيران إلى جميع محافظات البلاد!
لذلك فان المطالبة بدم الشهيدة مهسا أميني لا تقتصر على كردستان فقط، وقد كُتِب على قبر جينا أميني: “خالدة لن تموتي وسيُخَلد إسمُك رمزاً أبدياً!” نعم.. أصبح اسمها رسمياً وهو ما أثار الشعب في إيران والشعوب في جميع أرجاء العالم ضد دكتاتورية ولاية الفقيه.. طابت روح مهسا وأرواح غيرها من شهداء هذه الانتفاضة سعيدة خالدة!
نظرةٌ إلى الوراء!
عقب استشهاد مهسا لم تكن قليلة هي الأفراد والتيارات التي زعمت “زوراً” بالمطالبة بدماء هذه الشهيدة وتسبقوا إلى مسرح الأحداث ليصنعوا اسماً وقدراً ويكتسبوا قوةً! أفراد وتيارات لم يكن لها وجوداً في محاربة الدكتاتورية في إيران فحسب بل كانوا أيضاً عملاء للدكتاتورية، لم يكتفوا بتلطيخ أيديهم بدماء مهسا وغيرها من شهداء انتفاضة الشعب الإيراني ولم يتوقفوا عن قتلهم أيضاً بل أرادوا كذلك سلب حقوق وخيارات المدعين المطالبين بدمائهم!
تسلل عملاء الدكتاتورية الدينية الحاكمة وبقايا دكتاتورية الشاه الذين كانوا ولا يزالون جزءاً من الدكتاتورية الحاكمة إلى صفوف المعارضة تحت ألقاب مختلفة وبشعارات مختلفة لسرقة قيادة هذه الانتفاضة وإخمادها، وابقوا الدكتاتورية في إيران كما كانت على وضعها.
لكن حقائق المشهد كانت ولا تزال عصية جداً عليهم ليتمكنوا من فعل ما يشاءون! ذلك لأن الأوضاع لن تعود إلى الوراء وأن الشعب لم ولن يرضى بأقل من إسقاط الدكتاتورية في بلادهم!
الانتفاضة متواصلة في إيران ضد الدكتاتورية!
الآن، وبالنظر إلى المسار الذي تم السير فيه الانتفاضة يتضح من هي القوة والمظلة الوطنية البديلة “الأصيل” و “الحاضرة في الميدان” والتي كانت وما زالت موجودة فاعلة متصدرة مشهد الأحداث، وسيتضح في النهاية أيضاَ أي تيار سيطرح هذا النظام الدكتاتوري أرضاً!
جاءت الكثير من الكلمات والشعارات والادعاءات وحتى التحالفات والبدائل صنيعة الرجعية والاستعمار، ولأنها “ليست أهلً لذلك” و “انتهازية” واختفت وتلاشت كالزبد الطافي على سطح الماء! ومن وجهة النظر العلمية كان هناك تصوراً لهذه الرؤية منذ البداية، ذلك لأن “الوجود” و “البقاء” في قلب المسيرة النضالية سيجر الجميع إلى الإختبار “قولا” و”عملاً” وبحسب قول المناضل الكبير علي أصغر بديع زاديغان الذي استشهد على يد دكتاتورية الشاه أن ” قدر وقيمة كل شخص أو تيار بقدر ما يضحي به على هذا الطريق” وستتلاشى القوى النافقة من مشهد الأحداث!
خطوط حمراء!
يجب أن يكون الجميع قد رأوا مؤخراً أن الرياضي الأوكراني قد امتنع عن مصافحة رياضي نظام الملالي على منصة البطولة، وهو فعل يذكر بوجود حقيقة لا يمكن إنكارها في هذا الجانب وهي وجود “خطوطٍ حمراء” ضد النظام المُمعِن في قتل الشعب الإيراني، وشارك ويشارك بفاعلية في حرب العدوان على أوكرانيا، ويعد الاسترضاء والمهادنة مع هذا النظام بأي شكل كان هو أمرٌ لا يُغتَفر، ومع أن الشعب الإيراني هو الضحية الرئيسية لسياسة الاسترضاء مع هذا النظام إلا أن جرائم السلطة الإيرانية قد تجاوزت الحدود الدولية إلى أقاصي المواضع في العالم، ولا بد أن الرياضي الأوكراني استند على مثل هذه الحقيقة التي جعلته غير مستعد للتصافح مع رياضي نظام الملالي!
وعليه، فإن وجود خطٍ أحمر هو كلمة مرور منتصرة من قلب الأحداث والتجارب البشرية، علاوة على ذلك فكما كان التقارب والتعايش مع الدكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران مرادف للابتعاد عن الشعب وشرعية نضاله ضد الدكتاتورية، وبقدر ما يتعلق الأمر بإيران هناك محيط من الدم بين “نظام ولاية فقيه الملالي” و “الشعب الإيراني”، وهذا هو السبب في أن المطلب الرئيسي للشعب الإيراني هو “إسقاط نظام ولاية الفقيه” ولم ولن يقبلَ الشعبُ بأقل من ذلك!
كلمةٌ أخيرة
إن القوى والتيارات القائمة في مجال العمل الاجتماعي هي التي يتم تقييمها وتقديرها في هكذا مسيرة حيث تتشكل بهذه الطريقة الحدود والجبهات ككائن حي وتصبح دائمة ومتناسقة، وتزول القوى الانتهازية المرتبطة بالدكتاتورية، وتعمل “أجهزة الطرد المركزية التاريخية ” بتواصل للحفاظ على كل ما هو “متجذر” وعلى “الجانب الصحيح من التاريخ”، وإن حقائق المشهد عصية للغاية وتعمل بلا رحمة، كل من هو ليس من الشعب وللشعب يتم تدميره!
كانت المقاومة الإيرانية بحملها تجارب الماضي واطلاعها واستشرافها لمشهد الأحداث والذي دخلته منذ البداية بالخط الأحمر الذي ينص على أنه “لا شاه ولا ملا” وحافظ على “ديمومته ومستقبله” و “استمرار انتفاضة شعبه ” محافظاً عليها، ومصرةً عاقدة العزم على أنها ستنتزع حقوق الشعب الإيراني من حلق الرجعية والاستعمار!، وعلى هذا الطريق لا خيار عن المقاومة الإيرانية ومجاهدي خلق حاملي الراية التي أعلنت مراراً أنهم يرون أنفسهم حُماةً وسنداً لـ هكذا تيار، ويرون أنه إذا كان هناك بديلا شرعياً تتوفر فيه الشروط فليتقدم الصفوف للأمام، وإن لم يكن فليتنحى جانباً.