أحمد الجعدي يكتب:
اليمن.. حلول قبل فهم المشكلة
ما الذي يعنيه طرح حلول لمشكلة نحن في الأساس لا نفهم جذورها، وإذا قمنا مثلاً بتطبيق تلك الحلول التي طرحناها (على طريقة إن لم ينفع فلا يضر) هل باعتقادك ان لم تُحل تلك المشكلة فانه لن يكون هناك تأثير وتداعيات سلبية اخرى يمكن لها ان تكون أكبر من المشكلة الأولى؟
كمهندس اعتدتُ على التعامل مع المشاكل التي تواجهني خلال العمل بالطرق التقليدية أي بالاعتماد على الكتالوجات والخبرة التراكمية وما أخذته من علم نظري خلال فترة دراستي، كانت تلك هي الأدوات الرئيسية التي أملكها للتعامل مع مشاكل العمل إلى أن قررت الشركة منحنا دورة تدريبية في تكنيك يعتبر اداة مهمة وناجعة ومدروسة في التوصل لجذور المشكله ومن ثمّ حلها.
Problem Solving Methodology هي تقنية تساعدنا في معرفة جذور وأسباب المشاكل، لكن قبل كل هذا هي تساعدنا في تعريف المشكلة أولاً، هذا الأداة أو التكنيك ليست نوعاً من السحر (magic key or rocket science) بل تقنية تتكون من خطوات متسلسلة تجعل العقل يعمل بشكل منتظم.
مشوار حل المشكلة يبدأ بالخطوة الأولى وهي تعريف المشكلة Problem Statement وهنا يمكن للمرء ان يتساءل ما هي المشكلة؟ وان كان السؤال يبدو تافهاً للوهلة الأولى الا انه مثلما قال اينيشتاين هو: (ان الاكتشافات العظيمة تبدأ بالأسئلة التافهة).
تعريف المشكلة لا يعني القفز لاستنتاج جذور المشكلة، أو طرح فرضيات أين تكمن المشكلة، بمعنى آخر في البداية أنت بحاجة لشيء من التواضع أثناء القيام بتعريف المشكلة، فالتعريف يجب أن يكون واضحا ومحددا وكأنك أمام بطاقة شخصية أو عنوان منزل، كل شخص يسمع تعريف المشكلة يمكن له فهم المقصد من حديثك.
Understand the problem من الأشياء التي تساعدنا في فهم المشاكل هي البدء بطرح الحقائق بدلاً عن الآراء ثم أثناء طرحك تبدأ بالفصل بين ما له علاقة بالمشكلة وما ليس له علاقة بها وفِي الأخير ينصب تركيزك على المشكلة وليس على الحل حتى تتوصل لأن تكون المشكلة بالنسبة لك واضحة.
الخطوة التي تأتي بعد ذلك والتي ستساعدنا في فهم المشكلة أكثر وتكون أكثر وضوحا تدعى 5W2H وهي سبعة أسئلة إن صح لنا القول بوصفها تافهة، الا انه ذلك التافه الذي اخبرنا عنه اينيشتاين بأنه من سيوصلك للاكتشاف أو معرفة الأسباب، وهذه الأسئلة هي what, who , when , where , why , how many and how observed
الأسئلة :
- ما هي المشكلة؟
- من هو الذي لاحظها؟
- متى بدأت؟
- أين بدأت؟
- لماذا تعتبر مشكلة؟
- كيف تم ملاحظتها؟
- كم عدد المرات تكررت؟
Root cause بعد أن تصبح لديك المشكلة واضحة تبدأ في البحث عن جذورها، فما الذي نعنيه بجذور المشكلة؟ جدر المشكلة هو حجر الدومينو الأول الذي سقط ضمن سلسلة من احجار دومينو مصطفة جنباً إلى جنب.
وللوصول لمعرفة جذور المشكلة root cause نبدأ باستخدام Fishbone وتعني الهيكل العظمي للسمكة حيث يمثل اجزاء العظم الأسباب المحتملة للمشكلة ثم تحدد أولويات الأسباب حتى نصل من خلال brainstorming للأسباب الأقرب التي تقف خلف المشكلة ولو تحدثنا قليلاً عنها فهي طريقة تفصّل أسباب المشكلة، على سبيل المثال هل المشكلة بسبب خطأ بشري أو نوعية المواد أو طريقة عمل الأشياء أو مشكلة منظومة وخلال الفصل بين نوعية الأسباب يتم ايضاً تحديد إلى أي مدى احتمالية ان يكون هذا السبب اقرب من الآخر.
في مرحلة Fishbone نذهب إلى ابعد مستوى في تحديد وحصر الأسباب، نحدد المناطق، نطرح الأفكار إلى ان نتوصل إلى التوصيف الذي من خلاله نتعرف على الأسباب الأقرب High probably causes ثم بعد تحديد الأسباب الأكثر احتمالية عندها يجب إخضاعها لاختبار ال 5Why خمس مرات تسأل لماذا وقد تصل للإجابة المقنعة من السؤال الثالث أو الرابع دون الحاجة للوصول للسؤال الخامس.
بالتأكيد هذا التكنيك غير كاف لمعرفة جذور مشكلة اليمن، ولكنه كاف لأن تكون لدينا الآلية الصحيحة لفهم المشاكل وتحديد اسبابها قبل القفز لحلول لم يتم تأسيسها بشكل صحيح ما ينتج عنها تداعيات ومشاكل اكبر.
السؤال الأخير..
هل باستطاعتنا وضع تعريف واضح ومحدد لمشكلة اليمن؟
ان لم تكن المشكلة في اليمن واحدة، هل بإمكاننا تحديد المشاكل الأساسية ومن ثم تعريفها، تعريفا واضحا ومحددا؟