خالد سلمان يكتب:
اليمن.. توازنات الحرب ومسارات السلام
مسارات الحرب والسلام يسيران معاً جنباً إلى جنب، كل منهما يغذي الآخر، يمنحه قوة للسير بسرعة أكثر في مسار يبدأ بالثكنات والخنادق وينتهي بالغرف المغلقة.
كل نصر عسكري يتحقق على الأرض لأحد طرفي الصراع، يتم تسييله واحتسابه على هيئة نقاط سياسية.
لذا لا غرابة أن كل لقاء في مسقط، يعقبه أو يزامنه تصعيد شرس في الجبهات، وكل مكسب عسكري يرفع من مطالب المنتصر، ويحط من قيمة أوراق الطرف الآخر.
الحقيقة هذه ليست حرب كسر ظهر، ليست حرب انتصار القوة وبسط سلطتها على كل اليمن، وسحق الخصوم وشطبهم من الخارطة، هذه الحرب سياسية بوسائل مختلفة، حيث تتحدث الذخيرة سياسة، تملي الشروط، وتمنح ما تبقى من فائض احتياجاتها، للطرف الأضعف في ساحة المواجهة.
مخطئ من يعتقد أن راية واحدة لفصيل واحد، ستُنشر في سماء كل البلاد، فالهدف الأخير من هذه الحرب، إعادة تصميم الأحجام وهندسة التوازنات، ومحاولة التأثير على ميزان القوى العسكري، لإيصال كفتيه إلى حالة من التقارب، دون أن تكون هناك كفة واحدة راجحة.
الخارج لن يمنح أحد المتحاربين الكعكة كاملة، لن يسمح لإيران بالنصر في اليمن على حساب السعودية، كما لن يلغي نفوذها بالمطلق، وكذا الحال بالنسبة للسعودية، لا هزيمة كلية للحوثي بل نصف نصر، مقابل ضمانات دولية لتسويات ومقاربات توافقية، من الحدود إلى خارطة النفوذ، بشراكة الإقليم والقوى الكبرى، واشنطن ولندن، موسكو وبكين.
السعودية.. نتائج الميدان وإثخان أمنها الداخلي بالمُسيّرات والصواريخ، وصلت إلى قناعة أن لا حسم عسكريا في اليمن، وأن طريق تحقيق أهدافها ذات الصلة بأمنها الداخلي، لن يتم خارج مسارات التسوية السياسية، وأن الحرب الجارية المتزامنة مع حرب المبادرات، ليس سوى محاولة لتعديل التوازن، والخروج بأقل قدر من الخسائر السياسية.
وأن مثل هكذا تسوية تستوجب تنازلات مؤلمة، لعل أحدها تقديم بعض الرؤوس الحليفة للرياض، قرابين على مذبح الحل.
في ظل عجز الشرعية عن تحقيق أي من الاختراقات العسكرية، يظل صوت الحوثي هو الأعلى، من حوارات مسقط وحتى ميادين الحرب في اليمن، وأن لا تسوية ما لم يتم بقرار دولي إضعافه بمستويات معينة، تجلبه من موقع غير المنتصر إلى الطاولة، فالقوي يملي ولا تُملأ عليه شروط الحل.
ولأن الملفات مترابطة، ممنوع، بإرادة دولية انتصار الحوثي، ممنوع انتصار إيران.