خالد سلمان يكتب:
الانتقالي ومسؤولية التصدي للعقاب الجماعي للجنوبيين
الانتقالي لا يملك الميزانية، لا يبسط سلطته على الوزارات الخدمية، لا تورد الأوعية الضريبية وعوائد الثروات إيراداتها، إلى البنك المركزي في عدن، ومع ذلك يدع الآخرين بغياب الموقف الحازم، يقضمون من حواضنه، يراكمون تململهم من تردي كل سُبل الحياة، من الراتب إلى الماء والكهرباء ومصفوفة تعب لا تنتهي.
من لا يملك شيئاً عليه أن لا يخشى من فقدان شيء لا يملكه.
شرعنة حضورك بانحيازك لقاعدتك، هي من تمنحك القوة وليس ضغوط الخارج، وهي من تمنحك الشرعية لا بصك اتفاق من الخارج.
انحاز وقل كلمتك، تصد مع ناسك لسياسة العقاب الجماعي، من دون مثل هكذا انحياز، انتظر من خصومك لحظة الانقضاض.
إن كان الانتقالي ممثلاً مفوضاً كحامل سياسي للقضية الجنوبية، فعليه الدفاع عن من منحه هذا التفويض، عن حقوقهم والتصدي لمحاولات تجويعهم، وقتلهم عبر غياب الراتب والخدمات.
وإن كان الانتقالي جزءاً من الحكومة المسؤولة عن كل هذا العبث، ويرفض سياساتها التصفوية ضد أبناء الجنوب، ناهيك عن كل اليمن، فعليه أن يرفض ويدين ثم يلملم أوراقه، يحزم حقيبته ومن ردهات الحكومة عليه أن يغادر، وأن يعاود دوره كما بدأ قائداً سياسياً منحازاً لناسه ومتصدراً مقدمة الصفوف.
لا يمكن أن تكون الاثنين معاً:
نصف سلطة إقصاء وقمع، وجزء من شارع.
الانتقالي، هم وليس أنت من وضعوك أمام الخيار الصفري، لم يتركوا لك هامش مناورة، لم يمنحوك مساحة فعل من موقعك الحكومي، لتقول لحواضنك إن الشراكة خطوة نحو الهدف، يريدون سحب البساط من تحت أقدامك حرقك حتى آخر حرف من الصدق، جعلك ظلا باهتا لترويكة حكم الفساد، اقلب الطاولة في وجه الجميع، استعد قوتك من شارعك السياسي، الخارج لا يتعاطى إلا مع الأقوياء، ولا قوة من غير إعادة التموضع في مقدمة صفوف ووجع الناس.
أنت قوي إن لم تتساوق مع العرض المقدم من الجوار والشرعية:
نصف حكومة مقابل الانتحار، قوي إن لم تبرر قبولك لكل هذا الدمار، تحت يافطة الواقعية السياسية والممكن المتاح، انت قوي إن خلطت في وجههم الأوراق، نزلت للشارع واعدت من موقع المقتدر سيد قراره، صياغة المعادلة.
مهما كانت المغريات والمبررات والعناوين، فلتذهب المناصفة إلى الجحيم، احذر أن تحترب مع ناسك، إن فعلت إنها نهاية النهاية وليست المبتدأ.
قضيتنا قضية وطن وليس ماء وكهرباء، راتبا وخبزا، مدارس ومشافي، حياة آمنة بلا قلاقل أمنية ومخاطر اغتيال.
قضية الانتقالي قضية وطن اوافقك بهذا القدر أو ذاك، ولكنك صديقي لم تطرح السؤال الذي يجب أن يكمله:
كيف تستعيد وطناً وشعبك يرحل صوب الآفاق المسدودة، تأكل أحلامه الإحباطات، تنهشه الفاقة وتتوزعه المقابر؟
الوطن ناس، كتلة اجتماعية، وليس علماً ونشيداً وطنياً، تردده قبل النوم وفي الصباح.
التفاصيل الحياتية الصغيرة تضعك لدى بسطاء الناس، اما داخل برواز معاناتهم، واما العيش بعيداً عنهم، على ضفاف الحياة الباذخة والرفاه.
نعرف أن الخدمات توظف في حقل تصفية الحسابات السياسية، وأن تضييق الخناق في الجنوب، إنما من أجل تهيئة الأجواء والقابلة النفسية المجتمعية للإطاحة بالانتقالي، ومع ذلك على الانتقالي أن يتصالح مع خطابه مع قواعده، وان لا يكون يسوعاً يتلقى الضربات المتتالية، مبتسماً متسامحاً بلا حراك.
لديك دولة فاسدة عميقة تحاصرك نعرف ذلك، وتجرك نحو الشراكة في آثامها، ونعرف أكثر أن لديك كل الأجهزة الأمنية، وهناك منصات القضاء، لا تبق في حالة ترقب وانتظار، قدم فاسداً تلو آخر، حرك القضايا بسلطة القانون، عليك أن لا تبقى عشاء فوهة مدفع، عليك أن تتخذ موقفاً، قراراً حاسماً حازماً، عليك أن تتحرك.