قراءة هادئة للمشهد الراهن في صنعاء..!!
أن وتيرة التصعيد المتصاعدة بين الحوثي وعفاش حلفاء التمرد و الانقلاب على الشرعية الدستورية لفخامة الرئيس الجنوبي (هادي) التي بدأت حركتها الانقلابية في الواحد والعشرين من سبتمبر من العام 2014 باحتلال العاصمة صنعاء وتمددت مليشياتها المتمردة على كافة ربوع الأراضي للمحافظات الشمالية وثلثي المحافظات الجنوبية خلال فترة ستة أشهر من تاريخ احتلالها للعاصمة السياسية وحتى قيام عاصفة الحزم لدول التحالف العربي في السادس والعشرين من مارس من العام 2015 , ولم يستمر تمددها في الأراضي الجنوبية سوى لفترة أربعة أشهر فقط وكان الفضل الأول والأخير في تحرير وتطهير أراضي الجنوب من تلك المليشيات الانقلابية, بفضل صمود و استبسال المقاومة الجنوبية ومساندة دول التحالف العربي لها بسلاح والعتاد حتى تكلل الإنتصار بالمشاركة في الإنزال البري على الأرض بدحر تلك القوى المتمردة و اجبارها على جر ذيول الهزيمة والتقهقر في السابع والعشرين من رمضان كأول إنتصار عسكري يحقق على اراضي جنوب اليمن الذي أعاد للشرعية حفظ ماء الوجه الدستوري واخراجها من التوصيف الدولي بأنها شرعية منفى..
وعندما نقارن فترة النفوذ في البسط على الاراضي اليمنية عسكريا وسياسيا لمليشيات الحوثي وعفاش نجد ان نفوذهما في الجنوب لم يطيل أكثر من أربعة أشهر , بينما نفوذهما في الهيمنة السياسية والعسكرية في البسط على الأراضي الشمالية يشارف على العام الثالث في ظل عجز عاصفتي الحزم والأمل لدول التحالف العربي من تحقيق اي انتصارات عسكرية تذكر غير ما تحقق في الساحل الغربي لمدينة المخا على أيادي المقاومة الجنوبية, ومن خلال هذه المقارنة الزمنية يتضح بان هناك دول خفية تقف خلف صمود المتمردين الحوثي والمخلوع عفاش وليس دولة إيران وحدها كما يشاع في الإعلام السياسي, لكون المعادلة العسكرية ليست ندية بين تحالف عشر دول عربية ضد دولة واحدة داعمة فارسية وهذا ما أثبتته طيلة سنوات الحرب في جبهة مكيراس ومريس وكرش وكهبوب والمخا وميدي وبيحان ونهم ونجران وجيزان و على طول امتداد الخط الحدودي مع المملكة العربية السعودية, في ظل الحصار الخانق البري والجوي والبحري والضربات الجوية المستمرة ليل نهار على معسكرات مليشيات الحوثي وعفاش في كافة أراضي المحافظات الشمالية الباسطين عليها حتى اللحظة..
وفي تقديري ان وتيرة التصعيد مقابل التصعيد الراهنة بين طرفي الانقلاب انصار الله الحوثيين والمؤتمر الشعبي العام لعفاش في صنعاء, تاتي ضمن صياغ سيناريوا متفق عليه بين الطرفين في صناعة حدث سياسي واستثماره لصالحهما دون الإنتظار إلى مراقبة الأحداث , وأن من يستطيع صناعة الحدث ولا ينتظر حدوث الأحداث فإنه يجيد فنون سحر القيادة في خلق فرص يسخرها إلى خدمة أهدافه التي يصبوا إليها على المستوى الداخلي والخارجي, واعتقد بأن هذا تصعيد الذي ترتفع حدة وتيرة في صنعاء مفتعل من قبل عفاش والحوثيين بغض النظر عن رؤوس الضحايا التي ستكون حطب لنار هذا الافتعال السياسي والمسلح وشواهد كثيرة وحاضرة خصوصا بالنسبة لعفاش في تضحية بالمقربيين منه من أجل تحقيق أهدافه السياسية فكما ضحا بمحمد إسماعيل وزوجته فلن يتردد بالتضحية بخالد الرضي وفي المقابل أيضا الحوثي سيضحي بالزنابيل ويحتفظ بالقناديل وكل هذا التصعيد والاحتدام يراد منه تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية على نحو تالي:-
- اولا استثمار الدول التي تقف خلفهما في الانقلاب الظاهرة والخفيه بتدخل فيما بينهما للحفاظ على الجبهة الداخلية والصمود في الجبهات الحدودية أمام دول التحالف العربي التي أصبحت مصدر ابتزاز سياسي لدول العظماء, ومن الطبيعي ان تلك الدول التي تقف خلفهما سيكون عليها التزامات عسكرية ومادية يستفيد منها الطرفين في العودة إلى حلفهما الذي يجنوا ثماره في الابتزاز السياسي لدول الخليج..
- ثانيا فتح أفق استثمار سياسي ومالي وعسكري مع السعودية والاخوان من جانب عفاش فاما من جانب الحوثي فتح إستثمار أيضا سياسي ومالي وعسكري مع قطر والإخوان, على أمل أيهم تحالف المملكة من قبل عفاش بالقضاء على الحوثيين, وفي المقابل الحوثيين إعطاء قطر أمل بالقضاء على عفاش وتصدر المشهد لكونها العدو الاستراتيجي للمملكة في حروب سابقة من رقعة محافظة صعدة وستتسع رقعة الحرب معها من رقع جنوبية أخرى بمساندة إيران وفي كلا الحالتين الطرفين سيفتعلوا معركة وهمية مثل معارك صعدة بين الحوثي وعفاش تبدا تلفون وتنتهي بتلفون..
- ثالثا استثمار الشرعية الدستورية من قبل عفاش بامتعاض الكثير من المؤتمرين من حزب عفاش بذريعة الرضوخ للحوثيين وتهديد مستقبلهم السياسي مما يوفر لهم فرص المغازله لشرعية هادي والهروب من قبضة الحوثيين التي تفرض عليهم منع الخروج من صنعاء بفتعال إعلامي وفي الحقيقة ستسمح لهم بالهروب من صنعاء ليلتحقوا بركب الشرعية وتسخيرها لخدمة عفاش والحوثي من داخل صفوف العدو الشرعي لهم فكما هرب بن دغر وغيره من النواب الذين يقيمون في مصر ويستلمون مرتبات من السعودية ورغم ذلك رفضوا النزول إلى عدن لعقد جلسة برلمانية واولهم سلطان البركاني الذي مازال للان يكن الولاء لعفاش..
فان تحقيق هذه الأهداف من قبل الحوثي وعفاش واضحة البيان وتتجلى من خلال التصعيد المسلح بالنقاط في ضواحي مدن صنعاء دون تأثير في التصعيد و الانقسام على الجبهات الحدودية بين مليشيات الحوثي ومليشيات حرس عفاش التي يفترض ان تتأثر بالتصعيد على مستوى القيادية المركزية بصنعاء وتنهدم المعنويات القتالية بما يمكن التحالف من التقدم وتحقيق انتصارات عسكرية فليس من الطبيعي أن يحدث تصعيد في المركز لا تتاثر بهي المراكز القتالية في الحدود وفي الجانب العسكري والأمني بالانقسامات في المحافظات الواقعة تحت نفوذهما دون مارب والجوف وهذا ما. يتجلى في القراءة الهادئة للمشهد الراهن في صنعاء..