د. تيسير كريشان يكتب لـ(اليوم الثامن):

الاضطهاد والقمع في إيران والحرب في المنطقة نتاجا لسياسة الاسترضاء الغربية

 أتابع منذ زمنٍ بعيد كمواطن وبرلماني أردني سابق باهتمام بالغ نضال الشعب الإيراني العظيم ضد الظلم والاستبداد، وقد عانى هذا الشعب لعقود طويلة من وطأة أنظمة قمعية، سواء كانت الدكتاتورية الشاهنشاهية التي دعمتها قوى خارجية لحماية مصالحها، أو النظام الديني الحالي الذي استمر في نهج القمع والتهميش؛ هذه الأنظمة التي استندت إلى القوة بدلاً من إرادة الشعب زرعت بدورها بذور السخط داخل النفوس وأججت روح المقاومة في قلوب الإيرانيين الذين يواصلون اليوم نضالهم من أجل استعادة كرامتهم وحريتهم.

 

تتجسد إرادة الشعب الإيراني في انتفاضاته المتواصلة ضد النظام الحاكم الذي فشل في تحقيق العدالة أو الاستقرار، وفي هذا السياق أكدت السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في كلمة ألقتها في 18 يونيو 2025 أمام البرلمان الأوروبي أن إيران تقترب من لحظة تحول تاريخي، وقالت: "الشعب الإيراني مصمم على إنهاء حكم الديكتاتورية الدينية، وهو أكثر إصرارًا من أي وقت مضى على تحقيق التغيير." وتعكس هذه الكلمات نبض الشارع الإيراني الذي يرفض الخنوع ويطالب بحقه في تقرير مصيره.

في رسائلها إلى المتظاهرين في عواصم أوروبية مثل برلين وستوكهولم شددت رجوي على ضرورة الاعتراف بالمقاومة الإيرانية كقوة تحررية مؤكدة أن الحل للأزمة الإيرانية لا يكمن في التفاوض مع النظام أو إشعال الحروب، بل في دعم الشعب الإيراني لإسقاط النظام بيده، وأضافت: "إن المقاومة الإيرانية التي قدمت تضحيات جسيمة على مدى أربعة عقود تمثل صوت الشعب وتطلعاته نحو الحرية."

 

بدورها تسعى المقاومة الإيرانية إلى بناء دولة تقوم على مبادئ العدالة والمساواة حيث يتم فصل الدين عن الدولة، ويتم احترام حقوق الإنسان والقوميات المختلفة، وقد طرحت السيدة رجوي برنامجًا من عشر نقاط يشمل إلغاء عقوبة الإعدام، ضمان استقلال القضاء، والتزام إيران بالتخلي عن الأسلحة النووية، وهذه الرؤية ليست مجرد شعارات بل هي خارطةُ طريقٍ لإيران ديمقراطية تتطلع إلى السلام والتعاون مع دول المنطقة.

على الأرض نفذت وحدات المقاومة آلاف الاحتجاجات خلال العام الماضي، فيما وصل عدد الإعدامات إلى مستويات غير مسبوقة مما يكشف وحشية النظام، ومع ذلك فإن هذه الاحتجاجات التي وصفتها السيدة مريم رجوي بأنها "فريدة من نوعها عالميًا" تؤكد عزم الشعب الإيراني على مواصلة النضال.

 

كعرب نرى أن دعم الغرب لنظام الملالي سواء عبر الصمت أو المهادنة قد ساهم في إطالة عمر هذا النظام، ولم تؤدي هذه السياسة فقط إلى تعاظم معاناة الشعب الإيراني لا بل هددت استقرار المنطقة بأسرها من خلال دعم الميليشيات التي زعزعت أمن دول مثل العراق وسوريا ولبنان، وإن دعم نضال الشعب الإيراني لهو الخطوة الضرورية للمضي نحو تحقيق الاستقرار الإقليمي، وهنا يجب على المجتمع الدولي أن يعترف بحق هذا الشعب في مقاومة الظلم.

 

من منظورنا كعرب ندعو إلى التضامن مع الشعب الإيراني في نضاله العادل، وإن انتصار هذا الشعب لن يكون انتصارًا له وحده بل لكل شعوب المنطقة التي تتوق إلى العيش في سلام وكرامة، ومن هنا نطالب المجتمع الدولي بالتخلي عن سياسة الاسترضاء والاعتراف بحق الشعب الإيراني في إقامة نظام ديمقراطي يعكس تطلعاته، ولنعمل معًا من أجل منطقة خالية من الاستبداد وأسلحة الدمار الشامل، حيث تسود العدالة والتعاون بين شعوبنا وتسود التنمية ويسود الازدهار...

د. تيسير كريشان - برلماني أردني سابق